responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله    الجزء : 1  صفحة : 460
جميع مَنْ تَدْعُونَ وتستغيثون منه لو كنتم في البر وما بقي معكم من الامتعة والبضاعات التي تتوسلون بها لإنقاذكم حال كونكم في البر إِلَّا استعانتكم واستغاثتكم إِيَّاهُ سبحانه فانه بذاته لا يغيب عنكم ولا يفارقكم بحال من الأحوال إذ هو اقرب إليكم من حبل وريدكم فما تستغيثون ولا تستعينون إلا منه إذ لا مغيث لكم سواه حينئذ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ وخلصكم سبحانه عن تلك المضايق الهائلة وأوصلكم إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ عنه سبحانه وصرتم متعلقين بما معكم من الامتعة والاعراض وَبالجملة قد كانَ الْإِنْسانُ في اصل فطرته خلق كَفُوراً لأنعم الله هلوعا إذ امسه الشر جزوعا نحو الحق وإذ امسه الخير كفورا منوعا معرضا عنه منكرا له
أَأعرضتم عنه سبحانه سيما بعد انجائه وإنقاذه إياكم فَأَمِنْتُمْ عن قهره وسخطه حين وصلتم الى البر مع انه سبحانه قادر على إهلاككم في البر ايضا اما تخافون أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جانِبَ الْبَرِّ اى يقلب عليكم الأرض كما خسفها على قارون أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ ريحا شديدا حاصِباً فيها حصباء نرميكم ونرجمكم بها كما رجمنا قوم لوط ثُمَّ بعد ما اخذناكم في البر بأمثال هذه البليات لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا حفيظا يحفظكم عن أمثال هذه المصيبات او يشفع لكم بتخفيفها وكشفها سوى الله الواحد الأحد القادر المقتدر القيوم المطلق
أَمْ أَمِنْتُمْ ايها القاصرون عن ادراك قدر الله وكمال قدرته عن أَنْ يُعِيدَكُمْ ويلجئكم الى الرجوع فِيهِ اى في البحر تارَةً أُخْرى بأسباب ووسائل لا تخطر ببالكم فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ في الكرة الاخرى لاخذكم وانتقامكم قاصِفاً كاسرا مِنَ الرِّيحِ لتكسر مركبكم فَيُغْرِقَكُمْ فيه بِما كَفَرْتُمْ عند النجاة عن مثله في الكرة الاولى ثُمَّ بعد ارجاعنا الى البحر واغراقنا فيه على نحو انعامنا وانجائنا من قبل لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعاً اى لا تجدوا ناصرا ومعينا لكم يظهر علينا ويجترئ باخذنا إياكم وانتقامنا عنكم ويطالب عنا قصاص ما فعلنا بكم إذ لا راد لفعلنا ولا معقب لحكمنا ولا معين ولا مستعان لكم سوانا نفعل ما نشاء ونحكم ما نريد.
ثم قال سبحانه على سبيل الانعام والامتنان وَلَقَدْ كَرَّمْنا وفضلنا بَنِي آدَمَ بأنواع الكرامة والتفضيل على سائر المخلوقات من حسن الصورة والسيرة واعتدال المزاج واستواء القامة والعقل المفاض المنشعب من العقل الكل الذي هو حضرة العلم الحضوري الإلهي وكذا بالقدرة والارادة وسائر الصفات المترتبة على الصفات الذاتية الإلهية ليشعر بخلافته ونيابته وَمع ذلك قد حَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ بركوب النجائب من الخيل والبغال والبعير وغير ذلك وَفي الْبَحْرِ بركوب الجواري والسفن وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ اى الأطائب التي يكسبونها بأيديهم بمقتضى اقدارنا إياهم واعدادنا لهم اسباب مكاسبهم وابحنا لهم ما تستلذ به نفوسهم وتشتهي قلوبهم على وفق ما نطق به السنة رسلهم وكتبهم وَبالجملة قد فَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلًا والقليل المستثنى هم الملائكة المقربون المهيمون المستغرقون بمطالعة جمال الله وجلاله وان كان الوالهون الهائمون من افراد الإنسان في ولاء الله ومحبته المكاشفون بسر الخلافة والنيابة التي اخبر بها الحق الواصلون الى مرتبة الفناء الذاتي بالموت الإرادي أفضل منهم ايضا وارفع رتبة ومكانة وانما كرمناهم وفضلناهم بما فضلناهم لحكم ومصالح تقتضيها ذاتنا وهي انا أردنا ان نطالع ذاتنا المتصفة بعموم أوصاف الكمال ونعوت الجمال والجلال في مظهر تام كامل لائق لمرآتيتنا وخلافتنا فاظهرناهم وكرمناهم لأجل هذه الحكمة العزيزة والمصلحة الشريفة فمن لم يبلغ منهم الى هذه المرتبة العلية والدرجة السنية بسلوكه الذي قد ارشدناه اليه

اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله    الجزء : 1  صفحة : 460
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست